الأربعاء، 29 أبريل 2015

مات اليوم شيخي ووالدي العلامة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

v             الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ... وبعد:
مات اليوم الأربعاء 10 من شهر رجب عام 1436هـ شيخي ووالدي العلامة محمد بن عبد الوهاب
إنا لله وإنا إليه راجعون
«إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى»
«إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا أبَا إِبْرَاهِيم لَمَحْزُونُونَ»
اللهم اغفر له وارحمه
اللهم اغفر له وارحمه
اللهم اغفر له وارحمه

ولمن لا يعرف الشيخ فقد:

كتبت قبل سنتين ترجمة له ضمن ثبته وعرضتها عليه رحمه الله فأجازها قلت فيها:

وممن عرفناه في طلبنا للعلم شيخنا الفقيه والمحدث السلفي العلامة أبو إبراهيم محمد بن عبد الوهاب الوصابي ناصر السنة وقامع البدعة الداعي إلى الحق والهدى والمنافح عن سنة النبي المصطفى ض
فقد شرفت بالتتلمذ عليه والاستفادة من دروسه المقامة في مسجد السنة بمدينة الحديدة في اليمن الميمون
وقد عرفه القاصي والداني في اليمن وخارجها بطلب العلم وتتبع الآثار والدعوة إلى السنة واتباع الأخبار، بحكمة وبصيرة مع نبذ البدع والتحذير منها والرد على المخالفين لسنة سيد المرسلين لا يخشى في الله لومة لائم ، -أسأل الله لي وله الثبات على دينه والمزيد من فضله-
وأداء لبعض حقه علي –وحقه علي كبير- رغبت أن أكتب هذه الورقات أذكر فيها مسعفا لطلابه بعض مروياته عن مشايخه وقد استأذنته، فأذن جزاه الله خيرا وزودني بذكر من أجازه من العلماء. وعنونت هذه الورقات –بعد استشارته- بـ (إسعاف الطلاب بتقريب أسانيد الشيخ العلامة محمد بن عبد الوهاب)
رجاء أن تكون نواة لثبت حافل بعدُ كبير، يتضمن ذكر الدروس والعبر، والفوائد والفكر، من علوم الشيخ وأحواله، ومنهجه في نشر السنة وذكر أقواله.
ولست أدعي الفهم والحصافة لهذا الباب، ولا الكمال أو العصمة لهذا الكتاب، بل المرجو ممن نظر فيه فوجد خطأ أن يصلحه، وأن يعتذر لكاتبه، فإنما القصد هو تقريب هذا الباب، فإن كان من صواب فلله المن والفضل، وإن وقع خطأ فهو طبع الإنسان المخلوق من عجل، والأجر من الله مأمول، والعذر عند كرام الناس مقبول
والله أسأل أن يجعله له خالصا، ولمن نظر فيه نافعا، والله الموفق والهادي
وكتبه الفقير إلى عفو ربه ورحمته
أبو حمزة غازي بن سالم أفلح
12 شوال 1434
الحديدة - اليمن


فصل
في ذكر نبذة عن صاحب الثبت
v             هو الشيخ المحدث السلفي الداعي إلى السنة أبو إبراهيم محمد بن عبد الوهاب بن علي بن محمد الوصابي العبدلي اليمني.
الوصابي: نسبة إلى وصاب الأسفل من أعمال ذمار، وتقع غرب ذمار، وشرق زبيد.
العبدلي: نسبة إلى بني عبد الله، وهي عزلة من وصاب الأسفل.
v             مولده ونشأته:
ولد في يوم الاثنين وقت أذان الفجر الأول 12/صفر/ عام 1376هـ، الموافق 17/9/1956م في عزلة بني عبد الله، ونشأ بها، في أسرة متدينة؛ مما ساعده على الاستقامة من صغره.
v             طلبه للعلم:
درس الخط، والقراءة، والكتابة، وبدأ في قراءة القرآن الكريم على يد والده ومدرسيه في بلده وصاب.
وفي سنة 1390 رحل إلى أرض الحرمين، فتمكن حينها من لقي العلماء والاستفادة منهم ودرس في دار الحديث في المدينة النبوية خمس سنين من عام 1392هـ إلى عام 1396هـ.
وتتلمذ في المدينة على جماعة من أهل العلم ومنهم:
الشيخ حماد الأنصاري والشيخ بكر أبو زيد والشيخ أبو بكر الجزائري والشيخ عبد الصمد الكاتب والشيخ علي العمري
ثم تحول إلى معهد الحرم المكي فدرس فيه سنتين وهما عام 1397هـ وعام 1398هـ.
وفي مكة درس عند جماعة من أهل العلم ومنهم: الشيخ عبد الله البسام والشيخ عبد الرحمن العجلان
ثم رجع إلى بلده وصاب بعد الاختبار في المعهد لعام 1398هـ، وقام بالدعوة إلى التوحيد والسنة، ونبذ الشركيات والبدع، من بعد منتصف عام 1398هـ إلى الربع الأول من عام 1399هـ.
ثم تحول إلى مدينة الحديدة وسكن بها نهاية عام 1399هـ. واستمر يدعو إلى الله ويعلم مما علمه الله وفي هذا العام 1399هـ كان بداية مسجد السنة في حي زايد في مدينة الحديدة  ومنه انطلقت الدعوة إلى التوحيد والسنة.
وفي عام 1408هـ رحل إلى الشيخ مقبل :، وبقي في دماج نحو أربع سنوات، أي إلى عام 1412هـ خلا أيام الشتاء فإنه كان يعود إلى مسجده في مدينة الحديدة. في بعض هذه السنوات الأربع
v             ودرس على الشيخ مقبل بن هادي الوادعي : في علوم شتى منها:
[1]               صحيح البخاري.
[2]               صحيح مسلم.
[3]               تفسير ابن كثير.
[4]               شرح ابن عقيل في النحو.
[5]               فتح المغيث في المصطلح.
[6]               شرح علل الترمذي لابن رجب.
[7]               كتاب السنة لعبد الله ابن الإمام أحمد.
[8]               كتاب الجوهر المكنون في البلاغة.
وغيرها من كتب السلف وكان الشيخ مقبل عظيم الإجلال للشيخ وقد علمه الإفتاء عملياً إذ يقيمه بعد كثير من المحاضرات للإجابة على أسئلة السائلين والشيخ يستمع إليه وإذا رأى تصويباً صوب.
v             وفي أرض دماج: درَس الشيخ شرح قطر الندى كاملا على الشيخ عبد المصور العرومي :. وحفظ أجزاء من القرآن  على الشيخ عثمان بن عبد الله السالمي وفقه الله.
ودرس بعض الخطوط على أحد الطلاب المجيدين.
v             وكان مع طلبه للعلم يفيد إخوانه ويدرسهم ومما درسه لهم في أرض دماج:
[1]               شرح العقيدة الطحاوية.
[2]               الرسالة للشافعي.
[3]               المتممة في النحو.
[4]               الدراري المضيئة شرح الدرر البهية للشوكاني.
[5]               الرائد في المواريث.
[6]               إرواء الغليل للألباني.
بالإضافة إلى تحركاته في الدعوة إلى الله تعالى.


v             انتقاله إلى الحديدة:
وفي أثناء عام 1412هـ سعد أهل الحديدة بانتقال الشيخ إليها وكان ذلك بإشارة وإذن من الشيخ مقبل :. على عادة السلف الذين كان أحدهم لا يتصدر بين يدي الناس معلما حتى يأذن له مشايخه.
ولا يزال الشيخ وفقه الله قائماً بالدعوة، والتعليم، والتأليف، والفتوى، ونشـر السنة إلى الآن ولله الفضل والمنة.
v             مؤلفاته ونشاطه الدعوي:
الشيخ حفظه الله له باعٌ في التأليف، كما أن له محاضرات وخطب تزيد على الألف شريط، ولو أنصفه أهل الحديدة، لسعوا في نشرها، والعناية بها، لا لذات الرجل وشخصه، ولكن لما اشتملت عليه من علم مدعم بالدليل الصحيح والقول الرجيح من آية أو حديث صحيح ويفعل الله ما يشاء
ومن مؤلفاته الكثيرة:
[1]            القول المفيد في أدلة التوحيد. وكان تأليفه عام 1405هـ وعمره آنذاك دون الثلاثين.
وقد قرض له كبار العلماء في اليمن وغيرها وأثنوا على المؤَلِّف والمؤلَّف. وهو من أنفع كتابات الشيخ وقد صار الآن على قسمين "التوحيد الصغير" والتوحيد الكبير" ومن مسائل الكتاب العظيمة التي نوزع عليها فصبر، ذكر الشيخ "توحيد المتابعة" والإشادة به متابعة لبعض أهل العلم وجعله قسيما لأنواع التوحيد الثلاثة وذكر أدلته من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة والاستدلال عليه بما قد لا تراه في كتاب آخر.
[2]            إيضاح الدلالة في تخريج حديث: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة».
[3]            القول المرضي في عمرة المكي.
[4]            الجوهر في عدد درجات المنبر.
[5]            التلخيص الحبير في حكم رضاع الكبير.
[6]            تحفة الأريب بما جاء في العصا للخطيب.
[7]            القول الجلي في تخريج وتحقيق حديث القنوت للحسن بن علي.
[8]            القول الصواب في حكم المحراب.
[9]            الطرد والإبعاد عن حوض يوم المعاد.
[10]      تحقيق رسالة السيوطي "إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب".
[11]      التحذير من الشيطان
[12]      نساء أهل الجنة حور عين وآدميات
[13]      فضل التسامح والصفح والعفو وكظم الغيظ
[14]      تفاوت أهل الجنة في الدرجات العلى والنعيم المقيم
[15]      آداب السفر
[16]      أذكار الصباح والمساء
[17]      التمسك بالسنة سعادة وفلاح
[18]      التحذير من الشرك بالله
[19]      رسالة "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"
[20]      العناية بتوحيد الله
[21]      النصائح والكلمات الذهبية
[22]      رسالة في "وجوب تسوية الصفوف في الصلاة"
[23]      كتاب في أحكام الصلاة
[24]      كتاب في أحكام الزكاة
[25]      مذكرة في أحكام الصيام، وهي رسالة مختصرة
[26]      وله كتاب مفصل في أحكام الصيام في جزءين
[27]      مناسك الحج والعمرة "كتاب كبير في جزءين"
[28]      البيان المبين إن كنتم تحبون الناصحين
[29]      وجوب التخلق بأخلاق الإسلام
[30]      حملة أعداء الأمة على المرأة المسلمة
[31]      أمور كثيرة في الدنيا تذكر بالآخرة
[32]      عز المسلمين في تمسكهم بالدين
[33]      خصائص الصلاة في الإسلام
وغيرها كثير، نفع الله تعالى بها وبارك في علمه جزاه الله خيرا


v             منهج الشيخ حفظه الله في التأليف:
تمتاز كتابات شيخنا حفظه الله بـ:
·                   الجمع والإتقان،
·                   والعناية بصحيح الأحاديث والأخبار،
·                   وتحري النقول واختيار أصح الأقوال،
·                   مع سهولة وبعد عن التعقيد،
·                   والإعراض عن ذكر الرأي العاري عن المنهج السديد،
·                   فلا يذكر من ذلك إلا ما يحتاج إلى ذكره مع البيان والنصيحة، وتجلية الحق للخليقة.
فتجد في كتابات الشيخ:
·                   الآية من القرآن مع الحديث الصحيح.
·                   الحرص على عزو الآيات وتخريج الحديث
·                   ذكره للجزء والصفحة أو الرقم
·                   مع بيان الطبعات المعتمدة
·                   نقله أقوال العلماء حول الأحاديث المذكورة واستفادته من تحقيقاتهم المسطورة، سواء الموافق منهم أو المخالف، مع بيان الراجح عنده بحسب الدليل بألطف عبارة وأحسن إشارة
·                   نقله لفتاوى كبار العلماء في عصره والاستفادة من فتاواهم، ونشرها بين الناس فلا تكاد تجد للشيخ قولا إلا وله فيه سلف اقتداء منه بمن سلف
·                   ولا يستنكف الشيخ أن يرجع عن قول قاله أو رأي اختاره تبين له بعدُ أنه مرجوح، إنصافا منه للدين وعدلا، ونصحا للأمة وقسطا
·                   تقريبه الفائدة للقارئ، حتى صارت كتبه من أنفع الكتب للعامة والخاصة
·                   يتحرى جمع ما في الباب من أدلة صحيحة وأقوال رجيحة ونكات مليحة دون تعقيد لفظي، أو تشتيت ذهني
·                   تدور مؤلفاته حفظه الله حول نصرة التوحيد والسنة، وجمع كلمة الأمة، فلا تكاد تجد له مؤلفا من مؤلفاته المطبوعة إلا وتجده قد سد ثغرة عظيمة في نصرة الدين والسنة
o                 فمنها المؤلفات النافعة في التوحيد ومحاربة الشرك
o                 وأخرى في الفقه في الدين وبيان الأحكام المتعلقة بأركان الإسلام الخمسة
o                 ومؤلفات في معالجة أمراض الصدور وتزكية النفس
o                 وله مؤلفات في محاربة البدع في العبادات والانتصار للسنن المنسيات
والناظر في رسالة "تسوية الصفوف" يجد أنها جامعة للآثار، مستوفية للأخبار، يسعد بها من نظر إليها، ويأنس بها كل من بات معها.
o                 ومؤلفات في معالجة واقع الجماعات المخالفة للسنة وبيان انحرافها والتحذير منها منهجا وأفرادا ومن أنفع ما سمعت "عشرون مأخذا على السرورية" الذي أبدع الشيخ فيه نصحا للأمة وهو في الأصل محاضرة تم تفريغها.
o                 ومؤلفات تربوية نافعة تعالج مداخل الشيطان التي يدخل بها على الإنسان لاسيما طلبة العلم من أهل السنة، ومن أنفع ما سمعت من الشيخ وفقه الله "عشرون نصيحة لطلبة العلم" ولو حلفت بين الركن والمقام أني لا أمل من استعادة قراءتها وتذكرها ما كنت حانثا، وحاجة المسلمين بله طلبة العلم لها أكيدة ونافعة مفيدة
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فلم يكن الشيخ عجولا في التأليف –مع تمكنه فيه- ولا مفاخرا به، -مع حسن كتاباته-، ولا مكاثرا به أحدا ولا متاجرا، بل مؤلفاته توزع على طلبة العلم، والزائرين، مقتديا في ذلك بمشايخه الذين يرجون نفع الأمة، ونصرة الدين والسنة.
o                 لا يذكر في مؤلفاته أهل البدع إلا على سبيل التحذير والبيان، أو عرضا حيث لا يشتبه في مثله على القارئ الحال، حتى صار الطالب يستدل بنقله عن عالم توثيقه، واعتماده في بابه وتزكيته
وقد وصف الشيخ العلامة مقبل : تعالى الشيخ محمداً ومؤلفاته بقوله:
- (المتقن في تحقيقاته، وتأليفه، كلامه على الحديث في غاية الإتقان).[ترجمته من كتاب: «الترجمة» للشيخ رحمه الله تعالى]
وقال في مقدمة «إيضاح الدلالة»: (فألفيته حفظه الله قد وفق في كتابتها، جمع بين الفقه والحديث، فيذكر التراجم واختلاف أهل العلم رحمهم الله، ويذكر درجة الحديث، ويترجم لمن يحتاج إلى ترجمة منهم. وهذه هي الطريق التي سلكها أبو محمد ابن حزم في المحلى، والشوكاني في نيل الأوطار، وهذه هي الطريقة العادلة المأمور بها في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90] وفي قوله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: 152]. يبرز الباحث الأدلة وما فهمه أهل العلم رحمهم الله منها، وأنت تختار ما ترى أنه يقربك إلى الله بلا تقليد).


v             منهجه في الدعوة إلى الله ونصرة السنة:
كان الشيخ حفظه الله تعالى أول من ارتبطت به من العلماء السلفيين في اليمن فلم تر عيني مثله في نصرة السنة والتحذير من البدع، والصبر على آلام الدعوة إلى السنة، والهدوء والحكمة.
وقد أعز الله به السنة وقمع به كثيرا من البدع ودحر بدعوته كثيرا من المبتدعة ومن أبرز ما يمتاز به الشيخ في دعوته:
[1]         العلم الشرعي المدعم بالدليل، المجانب للآراء الضعيفة وسائر الأقاويل.
[2]         اهتمامه بالدليل وتعليمه له للطلاب
[3]         الصدع بالحق والدفاع عن أهل الحق
[4]         رده على المبتدعة وتبيينه لأحوالهم المختلفة المضطربة
يقول الشيخ مقبل :: (الشيخ محمد هو الداعي إلى جمع كلمة المسلمين، المحذر من الحزبية المساخة ، ويبغض المبتدعة كل بقدر بدعته). [كما في مقدمة :إيضاح الدلالة]
وقال في مقدمة تنوير الظلمات ـ للشيخ محمد الإمام : (ومن علماء السنة المعاصرين، الواقفين في وجه أصحاب الباطل، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ ربيع بن هادي المدخلي، وآخرون، وفي اليمن الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي - فبدأ به- ، والشيخ عبد العزيز البرعي، والشيخ عبدالله عثمان الذماري، والشيخ عثمان السالمي، والشيخ يحيى الحجوري، والشيخ أحمد بن سعيد الحجري، والشيخ عبد الرقيب الإبي، و الشيخ محمد بن عبد الله الإمام...).
وقال الشيخ الإمام كما في دعوة أهل السنة والجماعة :
(عرفته شيخاً يدعو إلى الله, ويواجه الفتن، ويحذر من الضلالات، والخرافات، والشركيات وغير ذلك فله في الدعوة عمر ودهر حفظه الله.
وقال أيضاً: وهذا الرجل من فضل الله عز وجل عليه أنه كلما جاءت فتنة لم يكن من ضحاياها، بل ينجو، ويسلم، بل ويحرص على أن يحذر إن كان ذلك مما يستدعيه الوقت والحال، فقد مرت وجاءت فتن كثيرة وهو بحمد الله يواجهها بعلم وحلم...).
[5]         الصبر والحكمة فلله دره كم قد أوذي من البعيد، والمخالف فصبر، وكم اتهم من قريب موافق –ظلما- فما عبس ولا بسر، ولا ترك الحق –إرضاء لأحد- ولا استكبر
[6]         زيارته للعلماء في اليمن وخارجها واستضافته لهم في مركزه العلمي وتقديمهم واحتفاؤه بعلماء السنة وجلوسه بين أيديهم ودلالة الطلاب عليهم وقد زرت الشيح حفظه الله سنة قبلت في الجامعة الإسلامية عام 1419هـ واستأذنته في الذهاب فأذن لي وكتب لي أسماء نحو عشرين شيخا من شيوخ السنة في المدينة وحثني على التعرف عليهم والانتفاع بعلمهم
[7]         عنايته بطلابه، تعليما لمن حضر، وسؤلا عمن غاب منهم لمرض أو سفر، ومن عنايته بالطلاب حفظه لأسمائهم، وتعرفه على أبنائهم وآبائهم وسؤاله عن أحوالهم، وحضوره في أفراحهم وأتراحهم، وإعذاره لهم وقبوله لاعتذارهم. وزيارتهم أو إرسال السلام إليهم. ولا تخلو أسفار الشيخ من تفقد أحوال الطلاب القدماء منهم والمُحْدَثين، والاستماع لحاجاتهم، والسعي في قضائها أو الكتابة شفاعة لمن يرجو عنده انقضاؤها
[8]         الشيخ فطن ذكي، عزيز كريم، لا يحب أن يستغفله أحد، ويكره أن يستأثر بمجلسه ماكر أو مخادع، يمر به بعض أصحاب الشهوات الدنيئة، أو الشبهات الخبيثة، فلا يجد إلا أسدا هزبرا، لا يخشى في الحق وقوله والصدع به أحدا؛ صريح في نقده، واضح في انتقاده، ونقده للخطأ معجل غير نسيئة
[9]         الشيخ وفقه الله في دعوته مترفع عن أبواب السلاطين، اقتداء بمن سلف من الماضين، زاهد في أموال التجار، لا يتاجر بدعوته، ولا يساوم على ديانته، مهيب وقور وعفيف صبور، قال حفظه الله في بعض محاضراته: (كنا ندرس ـ يعني في دار الحديث بالمدينة ـ ويعطونا في اليوم ريالاً واحداً مصروف اليوم كله، ونصبر من أجل العلم، وما أستدين، إن كان عندي مال اشتريت ما يسر الله تعالى به، وإن لم يكن عندي مالٌ صبرت ولا أستدين، وهكذا كان أبي ـ رحمه الله تعالى ـ ولا أزال على هذا و الحمد لله وأسأل الله أن يتمها لي بخير ) .
وقد وصفه الشيخ مقبل : بقوله :(الزاهد، الورع، الصبور على الفقر والشدائد).
ومن أقوال الشيخ أبي إبراهيم ـ حفظه الله تعالى ـ الدالة على عفته قوله:(معاذ الله أن نبيع ديننا بدنيانا للجمعيات، أو لغيرهم).
وقوله حفظه الله: (أهل السنة دعوتهم ما فيها بدع، ولا حزبيات، ولا جمعيات، ولا تجميع الأموال، كما قال الله تعالى : {وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} [محمد: 36، 37] أهل السنة ما يجمعون الناس من أجل المال).
[كما في شريط: أحكام الزواج]
[10]  الشيخ يحث طلابه على الصبر في طلب العلم ويرغبهم فيه ويحرص أن يبين لهم فضله، وقد قرأ علينا "مفتاح دار السعادة" لابن القيم، وكان يعلق عليه بكلماته العظيمة، ونكاته المتينة واللطيفة، ولا يترك مناسبة في ذلك إلا ويغتنمها في بيان هذا الأصل "العلم الشرعي مع الزهد في الدنيا والصبر"
وكنا في مجلسه يوما ضحى يقرأ علينا في صحيح الإمام البخاري فسمع صائحا يصيح بصوت عال فقال لنا" لو طلب العلم لأعزه الله" فكانت كلمته كالبلسم الشافي على قلوبنا
وسمعته يقول مرارا: "يا طالب العلم اطلب العلم ولا تعجل وسيأتي الله بالمكتبة وسيأتي الله بالزوجة وسيأتي الله بالمال". فكانت كلماته هذه تقع في قلبي موقعا عظيما تثبيتا على العلم وتمكينا، فجزاه ربي الجنة، وختم لي وله بعظيم الأجر والمنة
[11]  زهد الشيخ عما في أيدي الناس وبعده عن مخالطة من في مخالطته الإثم والباس، تجده واقعا عمليا ومنهجا تربويا من صبحه إلى مسائه وفي ليله ونهاره فهو بحق مدرسة تربوية وجامعة مصطفوية
[12]  الشيخ لا يعجل في تلقين طلابه للعلم، بل تجده يدندن على الحديث الواحد أو الآية الواحدة ويعلق عليها بما فتح الله عليه فلا ينتهي مجلسه إلا وقد حفظ السامع الفائدة وترسخت عنده القاعدة، واتضحت عنده المحجة، وتبينت له الحجة
[13]  حرصه على تطبيق السنة والدعوة إليها بالقول والعمل: فالشيخ حفظه الله على الطاعة والسنة يعتبر من المحافظين على السنة فيما نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً . ترى ذلك في صلاته وصيامه وعمرته وحجه وفي مجالسه وكلامه وهيئته ولباسه، وغيرته على السنن ونصح المخالفين
وترى في مسجده -مسجد السنة- الأذان على السنة، والصلاة على السنة، والخطب على السنة.
وهكذا في المحاضرات يحث على السنة، وما رأيناه عمل عملا إلا بدليل حتى صار لسالكي سبيل السنة خير دليل، يصيح الصائح بحائله محسنا به الظن لما رأى من جميل أحواله أن ما سمعه من الشيخ أو رآه عليه فإنما هو خير وسنة فاللهم ثبتنا وإياه على الإسلام والسنة
 قال في محاضرةٍ له:(السُّنَّة أن يكون المهر (500) درهم، بما يعادل (5000) ريال يمني، وخير الهدي هدي محمدٍ ض. وأهل السنة يكونون إن شاء الله في المقدمة، وأنا والحمد لله قد طبَّقت هذا في بناتي (5000) ريال؛ أقول له: هذا هو المهر…نطبق السنة، ونحرص على أن نكون سنيين بالقول والعمل، وهذا يعتبر دعوة، عملية إلى السنة والله الموفق).[من شريط: أحكام الزواج]
وقال: (فنحن يا عباد الله، مطالبون أن نعمل بالإسلام، وأن نطبقه قولاً، وعملاً، واعتقاداً إذا أردنا أن نسعد، وأن نفلح، وأن نفوز في الدنيا والآخرة). [المرجع السابق]
وقال الشيخ مقبل : واصفاً الشيخ محمداً:
(امتيازاته:
[1]               محبته الشديدة للسنة.
[2]               اهتمامه بالعقيدة.
[3]               الفهم الصحيح في استنباط الفوائد.
[4]               البغض الشديد للحزبية المقيتة التي فرقت شمل المسلمين.
[5]               إذا ظهر له الحق عض عليه بالنواجذ، ولا يبالي بمن خالفه كائناً من كان، وهكذا ينبغي أن يكون أهل العلم.
[6]               محبته الشديدة لأهل السنة، وكراهيته للمبتدعة.
[7]               التواضع، والرفق، والحلم، والأناة، فقد وفق حفظه الله لذلك؛ حتى أحبه طلبة العلم والعامة .
أسأل الله العظيم أن ينفع بنا وبه الإسلام والمسلمين إنه على كل شيء قدير).[من مقدمة: القول المفيد]
v             ذكر جملة من مشايخه:
مشايخه الذين أخذ عنهم العلم أو استفاد منه كثيرون ، بين مقل ومكثر، ومنهم أئمة العصر الأربعة:
[1]               الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز :.
[2]               والشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني :.
[3]               والشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين :.
[4]               والشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي :.
[5]               والشيخ العلامة حماد بن محمد الأنصاري :.
[6]               والشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد :.
[7]               والشيخ أبو بكر جابر الجزائري حفظه الله تعالى.
[8]               والشيخ عبد الصمد بن محمد الكاتب الهندي :.
[9]               والشيخ عبد القادر بن يحي بن عبد الله مكرم :.
[10]           والشيخ نصرة الله الباكستاني حفظه الله تعالى.


v             طلابه:
للشيخ سدده الله طلابٌ كثيرون أخذوا عنه العلم، بين مقل ومكثر، لا يحصون عددا، وكثير منهم من أصحاب المراكز العلمية والدعاة إلى السنة ومنهم كثير من كبار الطلاب بدماج، درسوا عليه مدة بقائه بدماج، وله طلبة كثيرون في الحديدة وتهامة وغيرهما في اليمن وخارجها
v             ثناء العلماء عليه:
قال الشيخ المحدث مقبل بن هادي الوادعي : في مقدمة «إيضاح الدلالة»:
الشيخ محمد بن عبد الوهاب: شيخ التوحيد، والحديث، والفقه، والأخلاق الفاضلة، والزهد، والورع، وهو المربي الرحيم، وهو الداعي إلى جمع كلمة المسلمين، المحذر من الحزبية المساخة، وهو الصبور على الفقر والشدائد، وهو الحكيم في الدعوة، يحب سلف الأمة، ويبغض المبتدعة كل بقدر بدعته. نسأل الله أن يثبتنا وإياه على الحق، وأن يختم لنا وله بالحسنى، إنه سميع الدعاء .ا.هـ
وقال في كتابه "الترجمة" (ص:56) ط. دار الآثار الطبعة الأولى:
- الداعي إلى الله، الزاهد، الصابر، المتقن في تحقيقاته وتآليفه، وكلامه على الحديث في غاية الإتقان، وهو قائم بمركز علمي في الحديدة بمسجد السنة. ا.هـ
وقال في بعض دروسه: (لو أنصفوا لجعلوا الشيخ محمداً مفتي اليمن).
وقال أيضاً : (إذا مِتُّ فعليكم بالشيخ محمد بن عبد الوهاب).
وقال :: (ومن العلماء الأجلاء، الواقفين في وجه الباطل، الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي).
وقال العلامة أحمد سلامة ::
- (إن الأخ العلامة محمد بن عبد الوهاب الوصابي، أهدى إلي رسالته التي أسماها "القول المفيد في أدلة التوحيد" فاطلعت عليها فوجدتها رسالة مفيدة...).
وقال الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي ::
- (العالم الجليل الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي العبدلي).
وقال الشيخ يحيى الحجوري –يوما من الدهر منصفا الشيخ، قبل أن يغيب عنه ذلك سالكا أسوء المسالك-: الشيخ الجليل، الثبت، الزاهد، الصبور، والعالم الوقور أبو إبراهيم محمد بن عبد الوهاب الوصابي العبدلي، من رؤوس حماة عرين السنة بلا مدافعة، منحه الله السكينة، ومحبة السنة وأهلها، مواعظه أغلى من الدرر، له تآليف مطبوعة من أروعها وأنفعها "القول المفيد في أدلة التوحيد"، ورسالة "الطرد والإبعاد عن حوض يوم المعاد"، ورسالة "التلخيص الحبير في حكم رضاع الكبير"، وأخرى بعنوان "القول الصواب في حكم المحراب"، ورسالة "الجوهر في عدد درجات المنبر"،
ورسالة "تحفة الأريب بما جاء في العصا للخطيب"، وله مركز علمي مبارك بالحديدة يقيم فيه دروسًا نافعة. [كما في كتابه: الطبقات]
وقال الشيخ محمد بن عبد الله الإمام ـ حفظه الله تعالى ـ :
كما في (دعوة أهل السنة والجماعة في اليمن) التي ألقاها في دار الحديث بمعبر من هذا العام 1430هـ : (أما والدنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ حفظه الله تعالى ـ فقد عرفته شيخاً وما قد طلبت العلم، عرفته شيخاً يدعو إلى الله ويواجه الفتن ويحذر من الضلالات والخرافات والشركيات وغير ذلك، فله في الدعوة عمر ودهر حفظه الله وهو سائر في نشر الدعوة إلى الله، فلي منذ أن دخلت في طلب العلم إلى الآن ما يربو على 26 سنة، وكما سمعتم أن الشيخ محمداً حفظه الله كان قبلنا في الدعوة إلى الله، فلهذا هو أكبر منا سناً وعلماً. والشيخ محمد بن عبد الوهاب حفظه الله عنده ثبات عظيم، وصبر كبير، واستمرارية في الخير، وفي الدعوة إلى الله، وعنده سير سديد، وتمسكٌ قويم, بحمد الله رب العالمين, وهذا الرجل من فضل الله عز وجل عليه أنه كلما جاءت فتنة لم يكن من ضحاياها، بل ينجو، ويسلم، بل ويحرص على أن يحذر إن كان ذلك مما يستدعيه الوقت والحال، فقد مرت وجاءت فتن ٌ كثيرة وهو بحمد الله يواجهها بعلم، وحلم، فقد نجا وابتعد عن دعوة جهيمان، وما دعا إليه من تلك الفتنة العظيمة في الشر من أن القحطاني هو المهدي، ومن السعي في التكفير إلى آخر ما حصل منهم. كذلك جاءت الحزبية فحذر منها، حزبية الإخوان المسلمين، وفتنة الإنتخابات، وفتنة الديمقراطية، ولم يكن ممن تنطلي عليه الفتن، أو يقرب منها، أو يسير في شيء من فلكها، وجاءت الدعوة السرورية المنسوبة إلى محمد بن سرور الملقب بزين العابدين والحمد لله كان من المحذرين منها،
وجاءت فتنة أبي الحسن المصري كذلك أيضاً كان موقفه كما يعلمه كثيرٌ منكم، موقفاً عظيماً نافعاً لهذه الدعوة والحمد لله، إلى غير ذلك من الأمور، بل له عشرون مأخذاً على السرورية، وعشرون مأخذاً على حزب الإخوان، وعشرون مأخذاً على جماعة التبليغ، وله رسالة بعنوان (القذائف المدمرة على الحزبية والمبتدعة)، وله عدة رسائل أجلها (القول المفيد في أدلة التوحيد) الذي يدرس عندنا هنا في دار الحديث بمعبر ويدرس في أماكن شتى من بلدان العالم. فقد نفع الله به نفعاً عظيماً ولا يزال مستمراً على هذا الخير، تعليماً، ودعوة، وتأليفاً، وتحقيقاً، ولله الحمد والمنة . نسأل الله أن يمن علينا وعليه وعلى جميع المسلمين بالثبات على الحق. هذا باختصار فيما يتعلق بوالدنا العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي العبدلي حفظه الله تعالى).
وبعد:
فالقلم يعجز عن تسطير حياة حافلة بالسنة وأيام عشناه مع شيخنا وارفة الظلال بالخير والنعمة
والمداد يكبو عند إرادة استقصاء أخبار الفضلاء وأحوال النبلاء
ولكنها نبذة يسيرة حيث إن هذه الورقات لا تسع على سبيل الاستقصاء، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله.
ولا زال الشيخ يعلم ويدرس ويدعو إلى السنة وينافح عنها نسأل الله تعالى لنا وله الثبات على الدين والفوز برضا رب العالمين.
وأقول الآن
مات الشيخ
فرحمه الله رحمة واسعة

اللهم اغفر له وارحمه واجزه خيرا عن دعوته للسنة وصبره عليها