الجمعة، 1 فبراير 2013

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فجوابا على مسألة تعليم الرجل للمرأة الأجنبية القرآن،
فإن من أهل العلم من يرى المنع مطلقا سدا للذريعة وبعدا عن الفتنة
ومنهم الشيخ الألباني فقد قال رحمه الله:
المقرئ إذا كان يُعَلِّم النساء بواسطة الهاتف ثم هنّ يَقْرَأْنَ ويُسْمِعْنَ صوتهن للمقري فالحكم كما لو سمع صوتهنّ من وراء ستارة ولا يرى أجسامهنّ فالفتنة حاصلة على الوجهين سمع صوتهن بواسطة الأثير والهواء دون وسيلة الأسلاك هذه أو بواسطة الأسلاك فالصوت هو صوت المرأة عينه؛ وصوت المرأة ليس بعورة خلاف ما هو مشهور عند الناس ولكن يشترط في ذلك أن يكون صوتها ذلك الصوت الطبيعي أمَّا وهي تقرأ بالغنة والإقلاب والإظهار و و إلى آخره والمد الطبيعي والمتصل والمنفصل وهذا هو التجويد ويأتي قوله عليه السلام: (من لم يتغن بالقرآن فليس منا)، إذاً هي ينبغي أن تتغنى بالقرآن فلا ينبغي أن يكون هذا أمام الرجال إطلاقاً سواء كان بواسطة الإذاعة أو بواسطة التلفون ا.هـ
و قال الشيخ محمد الحمود النجدي: الذي جرت به عادة المسلمين أن يتولى تعليم الذكور الرجال، والإناث النساء، وهذا أقرب للفطرة والشرع، وأبعد عن الفتنة والشر. ففيه البعد عن النظر، والخلطة الموجبة للتعلق والمحبة بين الجنسين، والخلوة ونحوها من الذرائع التي سدتها الشريعة ومنعت منها... ولذا لا نرى للمرأة أن تتعلم مشافهة على يد الرجل ولو كان تعلمها للقرآن الكريم، ولعدم ضرورتها لذلك لوجود المحفظات المجودات من النساء والحمد لله، إلا إذا اضطرت لذلك في الاختبارات الرسمية، فلها أن تقرأ من غير ليونة أو ترقيق ولا رفع للصوت، كما قال تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) [الأحزاب/32] ا.هـ
ومن أهل العلم من أجاز ذلك بقيد عدم حصول الفتنة
ومنهم من زاد على ذلك شرطا أو أكثر، ومجموع ما ذكر في كلام أهل العلم من الضوابط التي يلزم مراعاتها ما يلي:
1) وجود الحاجة إلى ذلك، فإن وجد نساء حافظات يمكن للمرأة أن تتعلم منهن، أو وجد من محارمها من يمكن له تعليمها، لزمها حينئذ البعد عن تعلم القراءة مشافهة من رجل أجنبي.
2) ألا يترتب على ذلك مفسدة، مثل تعود المرأة على الخلطة الموجبة لتعلق كل من الجنسين بالآخر، واعتيادها لمحادثة الرجال لغير حاجة ونحو ذلك
3) أن تؤمن الفتنة وذلك بمراعاة الآداب الشرعية التي يطمئن معها القارئ إلى أمن الفتنة، والبعد عن الريبة ، ومن ذلك الأمور التالية:
(أ‌) أن تكون المرأة محتجبة فلا يجوز للرجل أن يعلم المرأة وهي ليست متحجبة،
والمرأة عند الرجل الأجنبي عنها كلها عورة، أما ستر الرأس وإظهار الوجه فليس بحجاب كامل، في أظهر قولي أهل العلم. ويتأكد هنا أن يكون التعليم من وراء حجاب لقول الله عز وجل: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) [الأحزاب/53]، والمتاع الحاجة من الأثاث وغيره، وقال بعض العلماء: ومن ذلك الفتوى؛ و قال سبحانه بعد ذلك (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) أي: أنقى من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء والنساء في أمر الرجال. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا نابكم شيء في صلاتكم، فلتسبح الرجال، ولتصفق النساء) متفق عليه؛ قال بعض أهل العلم وذلك منعاً للافتتان به، كما في منعها من الأذان ورفع الصوت بالتلبية ونحوه.
(ب‌) ألا يخلو بها فلا يجوز أن يعلمها خاليا بها ولو كانت بحجاب شرعي،
(ت‌) أن يكون المعلم كبير السن، متزوجا، معروفا بالصلاح والاستقامة، فهذا أبعد عن الريبة وآمن في البعد عن مظنة الفتنة.
(ث‌) أن يكون صوتها حين التلاوة طبيعياً لا نغمة فيه ولا تمطيط ولا تليين
(ج‌) أن يؤمن افتتان المستمع بصوتها وتلاوتها، وذلك بأن يكون قصده سماع القرآن والتنبيه على اللحن في القراءة ونحو ذلك من الأمور المشروعة، كما قال الشيخ ابن باز رحمه الله في فتاوى نور على الدرب ((http://www.binbaz.org)):
وأما المستمع فإذا استمع للفائدة والتدبر لكلام الله فلا بأس، أما مع التلذذ بأصواتهن فلا يجوز. أما إذا كان القصد الاستماع للفائدة، والتلذذ في استماع القرآن والاستفادة من القرآن فلا حرج إن شاء الله في ذلك ا.هـ
(ح‌) أن يكون الكلام مع القارئ، وكلامه معهن على قدر الحاجة فقط وإن احتجن للتفاهم معه؛ فيكون عبر شبكات الاتصال المغلقة، وهي معروفة ومتيسرة، أو عبر الهاتف، مع الحذر من الخضوع بالقول بتحسين الكلام وتليينه أو الضحك والتغنج في الكلام والسؤال.
(خ‌) أن ينسحب المحفظ من هذا العمل إذا شعر بميل قلبه أو تلذذه بصوت إحداهن
فإنه إذا خيفت الفتنة من سماع كلام المرأة، فيحرم الاستماع إليه في هذه الحال، سواء كان بتلاوة القرآن أو غيرها، نص على ذلك جماعة من الفقهاء؛ لأن دفع الفتنة عند خوفها بترك السماع لها دفع للمفسدة، ودفع المفاسد أولى من جلب المنافع
قال الإمام أحمد: ويحرم التلذذ بسماعه صوت المرأة ولو بقراءة ا.هـ
وهذه فائدة في ضوابط الشرع في سماع صوت المرأة:
صوت المرأة ليس بعورة على الراجح كما تدل عليه الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة، فلم يزل نساء الصحابة يتحدثن إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أصحابه بدون نكير،
لكن يجب على المرأة أن تراعي الأدب في الحديث مع الرجال والذي دل عليه قول الله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) [الأحزاب/32]
قال ابن جرير رحمه الله:
وقوله:(فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) يقول: فلا تلن بالقول للرجال فيما يبتغيه أهل الفاحشة منكن... وقوله:(وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا) يقول: وقلن قولا قد أذن الله لكم به وأباحه ا.هـ
وقال الحافظ ابن كثير: ومعنى هذا: أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، ا.هـ
وقال القرطبي رحمه الله:
أي لا تلن القول؛ أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا وكلامهن فصلا ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه مثل كلام المربيات والمومسات فنهاهن عن مثل هذا... والمرأة تندب إذا خاطبت الأجانب وكذا المحرمات عليها بالمصاهرة إلى الغلظة في القول من غير رفع صوت فإن المرأة مأمورة بخفض الكلام وعلى الجملة فالقول المعروف: هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس ا.هـ
وقال الشيخ بكر رحمه الله في حراسة الفضلية:
نهى الله سبحانه وتعالى أمهات المؤمنين، ونساء المؤمنين تبع لهن في ذلك عن الخضوع بالقول، وهو تليين الكلام وترقيقه بانكسار مع الرجال، وهذا النهي وقاية من طمع مَن في قلبه مرض شهوة الزنى، وتحريك قلبه لتعاطي أسبابه، وإنما تتكلم المرأة بقدر الحاجة في الخطاب من غير استطراد ولا إطناب ولا تليين خاضع في الأداء ا.هـ
اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ
فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
وكتبه أبو حمزة
غازي بن سالم البدوي
29 ربيع ثاني 1429هـ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق